حتى نصل إلى صوم مقبول خلال الشهر الكريم نظل في حاجة إلى إجابات حاسمة حول مجموعة من التساؤلات الحائرة التي تتعلق بسلوكياتنا وعلاقاتنا بالآخرين في رمضان. ولهذا نواصل طرح الأسئلة الرمضانية، وفي هذه الحلقة تجيب عنها الداعية الإسلامية الشهيرة الدكتورة عبلة الكحلاوي.
- بعض الزوجات يشتكين من إصابة الأزواج بحالة من الصمت الدائم طوال فترة الصيام ظناً منهم أن الصمت من أخلاق الصائم، فهل هذا صحيح؟
لا يجوز أبداً أن يتخذ الزوج من الصيام مبرراً للامتناع عن الكلام مع زوجته وأولاده، فلا علاقة بين الصيام ومرض الخرس الزوجي الذي تعانيه بيوت كثيرة، خاصة في رمضان. ولهذا أنصح الزوج أن تكون مشاعره رقيقة مع زوجته سواء في رمضان أو غير رمضان، ويثبت لها حبه بالأفعال قبل الأقوال. أما الزوج الذي يتحوّل إلى صنم أشبه بـ«أبي الهول» فهو مُقصّر في حق زوجته التي تتطلع إلى سماع الكلمات الرقيقة منه أو المداعبة البسيطة معها.
حكم السهر
- يحلو السهر في رمضان خاصة في أيام الصيف، فما الحكم فيه؟
يتوقف الحكم على ما يجري في السهر، فإذا كان السهر في طاعة فثوابه عظيم لقوله صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه»، أما إذا كان السهر في اللهو والمعاصي فإن العقوبة عليه تكون أشد من العقوبة على المعاصي في الأيام العادية، لأنه لم يحترم حرمة وقدسية هذا الشهر الذي أنزل الله فيه القرآن وضاعف فيه الثواب بلا حدود.
المصايف والسباحة
- يأتي رمضان هذا العام في الصيف والجو شديد الحرارة فهل المصايف جائزة أم أنها تُفسد الصيام؟
الحكم يتوقف على ما يجري في المصايف، فمثلاً إذا لم تُرتكب المعاصي وتُكشف العورات أو يحدث الاختلاط المحرم فلا شيء في ذلك، بل إنه نوع من الترويح عن النفس. أما إذا كانت المصايف كلها معاصٍ وذنوب واختلاط فإنها تُضيّع ثواب الصائم.
- قد تضطر الصائمات إلى تمضية وقت طويل في البحر أو حمامات السباحة للتخفيف من شدة الحرارة، فهل هذا يُفسد الصيام؟
العبرة بأن نزولها البحر أو حمام السباحة بعيد عن أعين الرجال، وألا ترتكب فيه أي معصية، وبالتالي لا شيء في تمضية فترة طويلة للتخفيف من شدة الحر مع البُعد عن كل النواهي الشرعية.
أدوات التجميل
- ما حكم استعمال أدوات التجميل خلال نهار رمضان؟
يظن كثير من النساء أن الكحل يفطر وهذا اعتقاد خاطئ لا أساس له من الدين لأنه لا يفطر النساء. ومع هذا نحذّر من الإسراف في الزينة حتى لا تكون لافتة للأنظار مما يقلل ثواب الصائمة أو يضيعه لأنها لم تحترم آداب رمضان، وتسببت بفتنة من ينظر إليها من الرجال.
- هناك من يردد أن النساء اللواتي يضعن حناء على شعر الرأس أثناء الصيام يكن مفطرات، ما رأيك؟
لا يقول هذه الفتوى إلا جاهل بأمور دينه ويريد أن يشق على النساء بما ليس من الدين في شيء، لأن وضع الحناء أثناء الصيام لا يفطر بل انه يأخذ حكم الإباحة كالكحل وكقطرة الأذن والعين.
حكمة الاختلاف
- ما الحكمة في أن الحائض أو النفساء تقضي الصيام دون الصلاة؟
هذا نوع من التيسير الإلهي على المرأة لأن الصيام يتكرر شهراً واحداً في العام، أما الصلاة فإنها تتكرر خمس مرات يومياً مما يجعلها عبئاً كبيراً عليها أن تؤدي كل الصلوات التي فاتتها ويجب على المسلم فعل ما أوجب الله عليه من المأمورات والكف عن جميع ما نهى عنه من المحرمات سواء أدرك حكمة الأمر أو النهي أو لم يدركها، مع إيمانه بأن الله لا يأمر العباد إلا بما فيه مصلحة لهم، ولا ينهاهم إلا عما فيه ضرر لهم.
- أفتى البعض بأن الحائض والنفساء التي تجاهر بالأكل أو الشرب في نهار رمضان تكون آثمة فهل هذا صحيح؟
هذه الفتوى غير صحيحة لأنها تنفذ رخصة إلهية، ولكن يجب عليها احترام شعور الصائمين بأن تأكل وتشرب في نهار رمضان سراً وبعيداً عن أولادها حتى لا يظنوا أن الأكل والشرب في نهار رمضان حلال.
الزوج المسافر
- هل من حق الزوج العائد من السفر في نهار رمضان أن يجامع زوجته سواء برضاها أو رغماً عنها؟
بعض الفقهاء أفتى بأنه إذا قدم المسافر إلى بلده وكان مفطراً لزمه الإمساك ولا يحسب له هذا الإمساك صياماً ولا يجوز له أن يجامع زوجته وهي صائمة صيام فرض لأنه يفسد صومها، فإن أكرهها فليس عليها كفارة، ويجب عليه احترام ذلك والبعد عن أي وسيلة من وسائل الإثارة.
الكلام مع النساء
- سمعنا فتوى يحرم صاحبها الكلام مع النساء في العمل خلال شهر رمضان فهل هذا صحيح؟
هذه فتوى غير صحيحة وحكم الكلام مع المرأة في الصيام أو غيره من الشهور يتوقف على طبيعة الكلام، فإذا كان الكلام من غير ريبة ولا يقصد منه شيء خبيث فهذا جائز في رمضان وفي غير رمضان، أما إن كان الكلام يقصد به التلذذ بالحديث معها فلا يجوز في رمضان ولا في غيره، وهو في رمضان أشد منعاً.
تأخير الدورة
- بعض الفقهاء يرى أن تناول حبوب منع أو تأخير الدورة الشهرية حتى تتم المرأة صيام الشهر كاملاً بدعة ومن تفعل ذلك تكون آثمة، فهل هذا صحيح؟
الحكم في تلك القضية للأطباء الذين يقررون لكل امرأة ما يناسب صحتها، لأن هذه الحبوب قد تضر بعض النساء ولا تضر بعضهن الآخر، ولهذا فإن الحكم يتوقف على الحالة الصحية للمرأة وتأثير الحبوب عليها. وأنا شخصياً أفضل أن تترك الصائمة الأمور تسير حسب الفطرة ولا تتناول حبوب تأخير الدورة الشهرية، ولكن إذا قال لها الأطباء إنها غير ضارة بها فلا شيء عليها من الناحية الشرعية.